السبب الرئيسي الذي شجعني على كتابة هذا الكتاب هو محبتي للقصص؛ أحب أن أقرأ قصة جيدة، وأستمتع بمشاطرة القصص التي أحب مع الآخرين. وعلى الرغم من عدم ممانعتي لقراءة القصص الخيالية، إلا أن كتابي يصف تجارب حقيقية أحببت أن أشاركها مع القراء.
السبب الثاني هو أنني أردت أن أوثق تجاربي. لطالما كانت الخيول جزءاً أساسياً من حياتي، وقد صقل وجودها حولي منذ سن صغيرة الطريقة التي أعيش بها اليوم، والتي ألهمتني للكتابة ومشاركة تلك التجارب القيمة مع أشخاص آخرين. غالباً ما ذكر الناس المحيطون بي على مسمعي اللحظات الصغيرة والثمينة التي أمضونها مع أحصاني، مما جعلني أحزن على فقدان تلك الذكريات لنفسي، فقررت تدوينها.
علمتني الخيول كثيراً وأؤمن بأنها دفعتني لأكون إنساناً أفضل. يتعلم الأطفال الذين يكبرون مع الحيوانات الأليفة أشياء بسيطة قد لا يتم تدريسها لهم دون خبرة. أولاً وقبل كل شيء، يتعلمون أن يستمعوا؛ لا تستطيع الحيوانات التحدث بلغتنا، لكننا نتعلم كيفية قراءة لغة جسدها وتعابير وجهها لفهمها بشكل أفضل. كما يتعلم الأطفال أيضاً التفكير في الآخرين قبل أنفسهم، كونهم مسؤولين عن سلامة حيوانهم الأليف والعناية باحتياجاته الأساسية بصبر. كانت وما زالت الخيول تعلمني الكثير، ولا أستطيع أن أتصور كيف كنت سأكبر من دون الساعات التي قضيتها في الإسطبلات.
كان للتواجد بالخارج في الطبيعة وحول الحيوانات تأثير إيجابي على طفولتي، وأنا سعيد جداً لأنني نشأت في أسرة تقدر الطبيعة والحياة البرية. كانت إحدى ذكرياتي المفضلة هي تناول وجبة الإفطار قبل المدرسة مع عائلتي، أثناء مشاهدة أفلام وثائقية عن الحياة البرية. في وقت لاحق، خلال اليوم كنا نجلس ونتحدث عن أنواع مختلفة من الطيور أو الثدييات أو الأسماك التي تعيش في المنطقة العربية أو حول العالم.
لقد تعرفت على الحياة البرية في منطقتنا من اللحظات القليلة التي قضيتها كل يوم مع عائلتي، سواء في الداخل أو في المزرعة، مما ساعدني على فهم تراثي أيضاً: لقد تعلمت عن الأنواع المختلفة للغزلان والطيور والأسماك في منطقتنا، وكيف تتم تسميتها باللغتين العربية والإنجليزية وحتى الأسباب وراء تسميتها.
بعدما كبرت، أدركت أن هذه المعلومات كانت جزءاً كبيراً من تعليمي في المنزل. لقد ساعدتني في تقديرعجائب الطبيعة، والاستمتاع بوقت الأسرة الذي كان دائماً تعليمياً. لم أفكر أبداً بأن الحيوانات قد تصبح مهددة بالانقراض، أو أن كوكبنا سوف يمر بتغيرات مناخية خطيرة مثل الاحتباس الحراري. أشعر بالحزن لأن بعض الأطفال الآخرين قد لن يختبروا كل ذلك في نشأتهم. لهذا السبب أشعر بمسؤولية كبيرة تجاه الحيوانات وإنقاذ بيوتها.
أحببت في طفولتي قراءة كتاب "ماتيلدا" من رولد دال، وقد سحرني أسلوبه في رواية القصص واستمتعت بالفكاهة التي أضافها إلى قصصه. كانت ماتيلدا واحدة من شخصياتي المفضلة في قصص الأطفال: أثّرت بي وأعجبت بذكائها وإصرارها.
سلسلة أخرى استمتعت بها عندما كنت أصغر كانت كتب "الأميرة الصغيرة" لتوني روس، وهي شخصية مختلفة تماماً عن ماتيلدا؛ فتجد أن الشخصية الأولى ناضجة ومنضبطة في حين أن الأخرى صاخبة وطفولية ومتطلبة. وأدرك الآن لماذا أحببتهما كثيراً، فقد كانتا شجاعتين، ولم تخافا من إظهار معدنهما، بغض النظر عن آراء الآخرين، وهذا برأيي نموذج جيد لأي طفل صغير يقرأ هذه الكتب.
أتذكر أيضاً بفخر حدثاً في مجتمعنا المحلي تضمن عرضاً للاحتفال باليوم الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة (إن لم تخنني الذاكرة). مع كل الاحتفالات وحشود الناس والسيارات، امتلأت الشوارع بسرعة بالزجاج الملون وزجاجات المياه الفارغة والكثير من القمامة. وأحسست بفخر كبير عندما بادرت المجموعات الشبابية المحلية على وسائل التواصل الاجتماعي بدعوة الناس للحضور والمساعدة في تنظيف شوارع دبي، مما أدى إلى مشاركة الكثيرين في عملية التنظيف. رأيت يومها تأثيراً إيجابياً على مجتمعنا المحلي، وآمل أن أرى المزيد من الأشخاص يتخذون إجراءات للمساعدة في الحفاظ على نظافة بيئتنا.
إن القصص عن الأفعال الصالحة التي تصب في المصلحة العامة تشجع وتحفز، وتطوير شخصية من منطقتنا يمكن للقارئ أن يشعر بصلة معها وأن يتفهم المشاكل التي تواجهها، ستساعد في عملية نشر حب القراءة والاستلهام في الأوقات الصعبة. إن السكان المحليين هم أفضل من يمثل مجتمعاً أو منطقةً، وبهذه الطريقة يمكننا التغلب على الافتراضات والمفاهيم الخاطئة والارتقاء كأفراد وكمجتمع.
ومن خلال منصبها كسفيرة للنوايا الحسنة، سوف تسهم الشيخه حصه بإحداث الفرق المنشود في حياة الشباب.